الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)
.الخبر عن ولاية الفضل على بونة: .الخبر عن واقعة الرياس وما كان قبلها من مقتل الأمير أبي فارس أخي السلطان: ونزل عبد الحق بن عثمان على أبي تاشفين حين نزل ورغبه فيما كان بسبيله من مطالبة الدولة الحفصية وتدويخ ممالكها ووفد على أثر حمزة بن عمر ورجالات سليم صريحا على عادتهم فأجاب أبو تاشفين صريخهم ونصب لهم محمد بن أبي عمران وكان من خبره أنه تركه السلطان اللحياني عاملا على طرابلس فلما انهزم أبو ضربة وانحل أمره استقدمه العرب وأجلبوا به على الحضرة سنة إحدى وعشرين وسبعمائة فملكها ستة أشهر ثم أجفل عنها عند رجوع السلطان إليها ولحق بطرابلس إلى أن انتقض عليه أهلها سنة أربع وعشرين وسبعمائة وثاروا به وأخرجوه فلحق بالعرب وأجلبوا به على السلطان مرارا ينهزمون عنه في كلها. ثم لحق بتلمسان واستقر بها عند أبي تاشفين في خير جوار وكرامة وجراية إلى أن وصل هذا الوفد إليه سنة تسع وعشرين وسبعمائة فنصبه للأمر بأفريقية وأمدهم بالعساكر من زناته عقد عليهم ليحيى بن موسى من بطانته وصنائع أبيه ورجع معهم عبد الحق بن عثمان بمن في جملته في بنيه وعشيرته ومواليه وحاشيته وكانوا أحلاس حرب وفتيان كريهة فنهضوا جميعا إلى تونس فزحف السلطان للقائهم وتراءى الجمعان بالرياس من نواحي هوارة آخر سنة تسع وعشرين وسبعمائة فدارت الحرب واختل مصاف السلطان وأفلت جموعه وأحيط به فأفلت بعد عصب الريق وأصابته في حومة الحرب جراحة وهن لها وقتل كثير من بطانته وحاشيته كان من أشهرهم محمد المديوني وانتهب المعسكر وتقبض على أحمد وعمر ابني السلطان فاحتملا إلى تونس حتى أطلقهما أبو تاشفين بعد ذلك في مراسلة وقعت بينه وبين السلطان فاتحه فيها أبو تاشفين وجنح إلى السلم وأطلق الإبنين ولم يتم شأن الصلح من بعد ذلك وتقدم ابن أبي عمران بعد الواقعة إلى تونس فدخلها في صفر سنة ثلاثين وسبعمائة واستبد عليه يحيى بن موسى قائد بني عبد الواد وحجب التصرف في شيء من أمره ثم عاد يحيى بن موسى إلى سلطانه ونهض السلطان أبو بكر من قسنطينة إلى تونس بعد أن استكمل الحشد والتعبية فأجفل ابن أبي عمران عنها ودخل إليها السلطان في رجب من سنته إلى أن كان ما نذكره. .الخبر عن مراسلة ملك المغرب في الاستجاشة على بني عبد الواد وما يتبع ذلك من المصاهرة: ثم عين للوفادة عليه ابنه الأمير زكريا وبعث معه أبا محمد عبد الله بن تافراكين من مشيخة الموحدين لسانا لخطابه ونجيا لشواره وركبوا البحر من بجاية فنزلوا بمرسى غساسة واهتز صاحب المغرب لقدومه وأكرم وفادته واستبلغ في القرى والاجارة وأجاب دعاءهم إلى محاربة عدوهم وعدوه على شريطة اجتماع اليد عليها وموافاة السلطان أبي سعيد والسلطان أبي يحيى بعساكرهما تلمسان لموعد ضربوه لذلك. وكان السلطان أبو سعيد بعث سنة إحدى وعشرين وسبعمائة يحيى الرنداحي قائد الأسطول بسبتة إلى مولانا السلطان أبي بكر في الإصهار على إحدى كرائمه وشغل عن ذلك بما وقع من شأن ابن أبي عمران فلما وفد عليه ابن السلطان وأولياؤه أعاد الحديث في ذلك وعين للنيابة عنه في الخطبة من السلطان إبراهيم بن أبي حاتم العزفي وصرفه مع الوفد فوافوا السلطان بتونس آخر سنة ثلاثين وسبعمائة وقد طرد عدوه وشفى نفسه فجاؤه بأمنيته من حركة صاحب المغرب على تلمسان وخطب منه إبراهيم للأمير أبي الحسن ابن السلطان أبي سعيد فعقد على ابنته فاطمة شقيقة الأمير أبي زكريا السفير إليهم وزفها إليه في أساطيله سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة وأنفذ بزفافها من مشيخة الموحدين أبا القاسم بن عتو ومحمد بن سليمان الناسك وقد مر ذكره فنزلت على وثير من الغبطة والعز وكان الشأن في مهرها وزفافها ومشاهد أعراسها وولائمها وجهازها كله من المفاخر للدولتين ولم يزل مذكورا على الأيام.
|